
حتى لا تصبح وحدة الساحات في خبر كان

رامز مصطفى
أمد/ شعار وحدة الساحات الذي أطلقته حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري سرايا القدس في مواجهتها لآلة العدوان التي شنها كيان الاحتلال الصهيوني باسم "عملية الفجر الصادق" على قطاع غزة في أب من العام الجاري. لم يكن طرح الشعار من قبل الجهاد الإسلامي قفزة في هواء استجلاب التعاطف والتأييد والالتفاف حولها، وهي تستحق ذلك لأنها خاضت المواجهة بكل جدارة وشجاعة واقتدار. بل طرحته وهي محقة من خلفية فهمها العميق لطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني على امتداد أرض فلسطين، وعدم السماح لهذا العدو الاستفراد بأي منطقة من مناطقنا المحتلة سواء في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس بمقدساتها وأحيائها، أو في قطاع غزة وصولاً لعمق أراضينا المحتلة عام 1948.
الضفة الغربية وما تشهده مدنها ومناطقها من عدوان صهيوني متغول قتلاً واغتيالاً واقتحاماً واعتقالاً من خلال حملة أسماها "جز العشب" التي أطلقها بعد تصاعد عمليات المقاومة في جنين ونابلس ومن ثم تدحرجها إلى العديد من مدننا المحتلة في الضفة. حيث بلغّ عدد الشهداء ما يزيد عن مائة وخمسين شهيداً والمئات من المعتقلين والأسرى، ومصادرة المزيد من الأراضي لصالح بناء المزيد من المستوطنات. يؤكد بما لا يدعو للشك أنّ حكومة العدو ماضية في عدوانها وهو في تصاعد، خصوصاً مع وصول اليمين الفاشي العنصري بقيادة "نتنياهو وايتمار بن غفير" في السيطرة على "الكنيست" بانتخاباته الأخيرة، وعودة نتنياهو إلى رئاسة حكومة الكيان، محاطًاً بوزراء فاشيين قد تقلدوا وزارات ستمكنهم من تنفيذ برامجهم الانتخابية القائمة على الإعلان عما يسمى ب "إسرائيل الكبرى"، وقاعدتها المادية الضفة الغربية بما فيها القدس عاصمة لكيانهم اللقيط.
اليوم يُطرح السؤال الكبير، أين وحدة الساحات فيما تشهده الضفة الغربية من إجرام صهيوني ممنهج؟ وهنا وحتى لا أحد يتصيد في الماء العكر، ليس المقصود بذاك السؤال حركة الجهاد، بل السؤال مطروح على الجميع، وخصوصاً قطاع غزة وقوى المقاومة فيها. أين أنتم مما تتعرض له الضفة الغربية من اقتحامات واغتيالات واعتقالات، وهذا ليس اتهاماً بقدر ما هو دعوة صريحة لوضع استراتيجية مناصرة وإسناد لأهلنا ومقاومينا هناك، وكي لا يفهم العدو أنّ الضفة متروكة لمصيرها الذي عملت وتعمل عليه حكومات الكيان والقادم من الأيام ما يُنبأ بالأخطر والكارثي. وبصراحة متناهية ألم يكن البعض ولربما أنا منهم وخلال الاعتداءات والعدوان الذي تعرض له قطاع غزة قبل معركة سيف القدس، كنا نتساءل أين هي الضفة الغربية وحراكها في الإسناد والمناصرة، وذهب لبعض أيضاً ليُشبّه الضفة وكأنها في بلد بعيد وبعيد وليست في فلسطين، لا يعنيها وما تعرض له القطاع وأهله.
اليوم المشهد ينطبق على مشهد الهدوء في قطاع غزة، إزاء الجريمة المرتكبة وعلى مدار الساعة بحق أهلنا وشعبنا في الضفة. وحتى لا يُفسر كلامنا أننا نطالب بفتح معركة عسكرية، وهذا ما يتوجب القيام به إذا توصلت المقاومة في تقديراتها لتلك الخلاصة. ولكن ما نطالب به مقاومة شعبية حقيقية على تخوم قطاع غزة في مواجهة العدو كما في السابق، كمسيرات العودة والإرباك الليلي... الخ. لم يعد من الجائز أن تترك الضفة ويتم الاستفراد بها كما هو حاصل اليوم.