
المقاومة بين الإعداد غزاوياً والاشتعال ضفاوياً "سيف القدس نموذجاً"

أ. شادي فياض
أمد/ في العاشر من أيار / مايو لعام 2021 اشتعلت معركة سيف القدس ، هذه المعركة التي وقعت نتيجةً لاعتداءات المستوطنين المستمرة على ثابثٍ من ثوابت الشعب الفلسطيني المقدسة، ألا وهو (القدس ، ومسجدنا الأقصى) وتزامنت مع التحذير والإنذار الأخير من قائد أركان المقاومة في فلسطين " محمد الضيف " للعدو بأن لديه ساعة واحدة كمهلة لإخراج قطعان المستوطنين من ساحات الأقصى.
ومع انتهاء المهلة، وفي تمام الساعة السادسة من مساء ذلك اليوم انطلقت صواريخ المقاومة باتجاه مستوطنات القدس؛ لتطهرها من دنس المستوطنين الغاصبين.
إنَّ توحيد الساحات الفلسطينية الذي حصل في تلك المعركة يُعَدُّ من أكبر إنجازاتها ؛ حيث تعانقت صواريخ المقاومة التي انطلقت من غزة مع رصاص الشباب الثائر ، وزجاجاتهم الحارقة، وحجارتهم الطاهرة في كل من القدس، والضفة الغربية، والداخل المحتل، وإن مشاهد الشباب الثائر في مدن الضفة والداخل جعلت الجنديَّ الصهيونيَّ يحذر الخروج من منزله وهو يرتدي زِيَّه العسكري.
كذلك كان من إنجازات معركة سيف القدس وقوعها في آخر شهر رمضان المبارك والذي نحن على أعتابه هذه الأيام، هذا الشهر الذي أصَبح يؤجَّج الدافعية للعمل المقاوم، كما يشكل هاجساً أمنياً للصهاينة ، وتحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية الصهيونية، وهذا ما كشف عنه مؤخرا معهد القدس للاستراتيجية والأمن: "من نتائج حرب سيف القدس في رمضان 2021 ترسيخ العلاقة في أوساط المنظومة الأمنية الإسرائيلية بين ارتباط رمضان وارتفاع مستوى الخوف من المقاومة".
إنَّ ظهور التشكيلات العسكرية المقاومة في مختلف مدن الضفة الغربية يُعَدُّ أيضاً من إنجازات معركة سيف القدس، حيثُ بدأت تتشكل بعد أحداث هذه المعركة ، وقد حرصت هذه المجموعات على اشتعال العمل المقاوم في الضفة الغربية، والذي ما زال مستمراً.
وكذلك لا يخفى على أحد دور المقاومة في غزة في إسناد تلك الكتائب العسكرية في الضفة الغربية مادياً ومعنوياً وتوجيهياً.
يجب أن يكون هناك ضبط لإيقاع العمل المقاوم في فلسطين ، تختصُّ غزة فيه بالإعداد والتجهيز للملحمة الكبرى، ملحمةِ وَعْدِ الآخرة، وتختصُّ الضفة الغربية والقدس باستنزاف العدو، وإشغاله في جبهته الداخلية.
حيث تُعَدُّ الضفة الغربية والقدس هما الكنزَ الاستراتيجيَّ للمقاومة ، وهذا ما شاهدناه في خروج الأبطال أو ما يُسَمَّى الذئاب المنفردة بعد كل عملية اغتيال جبانة لعناصر المقاومة في الضفة الغربية لردَّ الصاع صاعين للعدو ومستوطنيه.
في المقابل يجب أن تتحلَّى غزة بالصبر الجميل، ولا تلتفت لاستفزازات العدو في الضفة الغربية، وهذا لا يعني ترك الضفة الغربية وَحْدَها ، فغزة ليست بحاجة لأن نختبرَها ، غزة أثبتتْ نفسها، وبالأخص في معركة العصف المأكول التي اندلعت في عام 2014م ،ومعركة سيف القدس التي أُضرِمَتْ عام 2021م.
وإنَّ هذه المعارك جاءت نصرة لأهل الضفة الغربية والقدس ، وغزة ستثبت نفسها مرة أخرى عندما تحين ساعة الصفر ؛ لتبهر الصديق قبل العدو بما جهَّزتْ، وأعدت لمعركة وعد الآخرة بمشيئة الله وعونه وفضله.
والله تعالى أعلم .