الصائمُ المُشتبك

تابعنا على:   14:45 2023-03-25

مريم سويطي

أمد/ "الخميس اليوم الأول من شهر رمضان في فلسطين " خبراً كان بمثابة العلاج النفسي يجردُ الفلسطيني من ثوب الحزن ويبعث البهجة في روحه ، تزينت الطُرقات بالأضواء ، بألوانٍ زاهية تجعل كل من يشاهدها مُنكباً على جمالياتِ ألوانها وتفاصليها ، المساجدُ تصدحُ بالتكبيرات ، وأناشيدُ الأطفالِ تملأ الأرجاء .... ولكن في غضون ساعات سرعان ما يتحول المشهد إلى مشهدٍ تراجيدي ، في صورٍ تقترب وتبتعد لترصد معاناة وألم عائلة فلسطينية ، لتكون مدينة " طولكرم " مسرحاً لجريمةٍ جديدة يقترفها السفاحين الصهاينة فيتعمدوا فلسفة الانتقام من الفلسطينيين وإراقة دمائهم ، نستيقظ رويداً رويداً في السابعة صباحاً وينتابنا شعوراً صارخاً بمجرد رؤيتنا لمحاصرة قوة خاصة إسرائيلية للمقاوم " أمير أبو خديجة " في مدينة طولكرم اقتحام ، واشتباكٍ مُستمر ، أزيزُ الرصاص يصدحُ إلى كل المسامع ، سحورٌ مغمسٌ بالدماء ، مقاومٌ يتحصنُ داخل منزلاً يحلم بنيلِ الحرية ويستمر بالتصدي للعدو الإسرائيلي حتى الرمق الأخير ، صائماً ، مشتبكاً ، يرفض التسليم والخضوع حتى لا تكون مدينته لقمة سائغة للصهاينة ، اقتنص الشهادة من فوهة بندقيته ويرتقي شهيداً ويرتوي تراب الوطن بدماءه ، وتعانقُ نعشهُ أغصان الزيتون .

" شجاعٌ كأنَّ الحربَ عاشقةٌ لهذا زارها فدته بالخيلِ والرَّجْلِ " كلماتٌ تحاكي الموقف الذي عايشهُ أمير خلال مجابهته العدو ، شابٌ في مقتبل العمر ، صقرٌ أَبيّ مضى بعزيمةٍ قوية ، واستطاع تأسيس مجموعةٍ مسلحة تحت عنوان " طولكرم للرد السريع " أقلق مضاجع الاحتلال وهز الترسانة الصهيوني ، ليرتوي بنيل الشهادة في سبيل الله بعد سنواتٍ من ظمأ الملاحقة ، وكانت وصيتهُ الأخيرة " " لم تعد هذه البلاد تتسعُ للجميع ، فهي إما لنا ، وإما لنا ، وأنتم منها بإذن اللّه خارجون " .

المُقاتلون لا يستسلمون
ترسخت المقاومة في عقول الفلسطينيين جيلاً بعد جيل راسمةً طريق التحرير من قبضة العدو ، بالرغم من الأساليب الدعائية التي يمارسها الاحتلال في محاولةٍ لإضعاف روح المقاومة للفلسطيني ، وخلق حالة من التشرذم السياسي، وكي الوعي ، والخضوع ، باتت المقاومة المسلحة النهج الاستراتيجي الوحيد للشعب الفلسطيني ، و تصعيدات الاحتلال في الضفة الغربية في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة قائمة على سياسة القتل والإرهاب تنذرُ بحربٍ قادمة , وارتكاب المجازر في " جنين ، نابلس. ، أريحا " ، فجميع ما ترتكبهُ من محاولات غير مجدية في سبيل إضعاف روح المقاومة الفلسطينية وكسر صمود ونضال الشعب الفلسطيني باءَ بالفشل ، مما يطرح عدة تساؤلات حول المشهد السياسي ، فبعد اغتيالِ قادة المقاومة ل " عرين الأسود " في مجزرة بالثاني والعشرين من فبراير ، تشكلت مجموعات للمقاومة في جميع أنحاء الضفة الغربية مثل " كتيبة الرد السريع " تحت قيادة الشهيد " أمير أبو خديجة " لتستمرَ مسيراتُ النصرِ جيلاً بعد جيل ، لا يُصالحُ على الدمِّ حتى بِدم ، وبالرغم من اللقاءات التي تعقدها التي السلطة الوطنية الفلسطينية ك ( قمة العقبة ، واجتماع شرم الشيخ الأمني) مع العدو في محاولة للقضاء على المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية ، إلا أن الفلسطيني يؤمن من الفلسطينيين بأن سبيل المقاومة نهجاً لبدء انتفاضة جديدة تؤسس لانهيار الاحتلال وزواله ، بدءاً من عملية " تل أبيب " التي نفذها الشهيد " المعتز بالله خواجا " ببسالةٍ وشجاعة مما دب الرعب في قلب المنظمة الأمنية الصهيونية ، وإذ أن العملية وضحت دلالات بإمكانية الوصول إلى أهدافٍ إسرائيلية دقيقة ، وانتهاءً بعملية إطلاق النار في بلدة " حوارة " والتي تزامنت مع اجتماع شرم الشيخ و مما يشي أن تعزيز الاحتلال الاستيطان في مسافر يطا ، والخان الأحمر ، وتعجيل التصويت على قانون الإعدام في الكنيست ، لن يُضعف من عزيمة الفلسطيني في سيناريوهات تلوح بالأفق فالتنسيقُ الأمني الذي يجري بسريةٍ مع إسرائيل ، بعد أن أعلنت السلطة الوطنية عن تجميده عقب المجزرة التي اقترفها الاحتلال في مخيم " جنين " لن يحدثَ شيئاً وذلك لأن الكثير من الشباب الفلسطيني باتت شرعية الفلسطينية منحسرة في أعينهم ، ويدركون أنها غير عابئة بتغير الأوضاع السياسية الراهنة وليست سوى متعاقدة أمنية من الباطن والكامن مع إسرائيل .

اخر الأخبار